علاقة الرياضيات بالمنطق

علاقة المنطق المعاصر بالرياضيات علاقة وثيقة جداً تعودإلى أن المنطق اليوم أصبح يقوم على مجموعة من الطرق والأفكار الرياضية الصورية،مثلما تقوم الرياضيات على مجموعة من الأفكار المنطقية، بحيث أصبح من العسير إيجادتمييز دقيق وواضح بين المنطق والرياضيات البحتة.
هذا التقارب الشديد يسمح بالقولأن المنطق المعاصر أصبح علماً صورياً مستقلاً ليس له علاقة خاصة بالفلسفة تميزه عنباقي العلوم، لأن علاقته بالفلسفة اليوم لا تختلف عن علاقة العلوم الأخرى كالفيزياءوالطب بالفلسفة.
ويبدو أن استقلال المنطق المعاصر عن الفلسفة وارتباطهبالرياضيات، وكفه عن أن يكون علماً معيارياً، أمراً ليس واضحاً تماماً بالنسبةللذين يدرسون المنطق من زاوية فلسفية، لأن هذه العلاقة الوثيقة بين المنطقوالرياضيات لم تكن لسان حال العلاقة بين المنطق القديم والرياضيات. فالمنطق القديم،وبالرغم من احتوائه لبعض الطرق الصورية ذات الطابع الاستدلالي، إلا أنه كان ذو نشأةميتافيزيقية ومرتبط بغايات فلسفية أبعدته عن المطلب الصوري للرياضيات.أما المنطقالمعاصر فقد تحرر من تلك الغايات وأصبح علماً صورياً مستقلاً.
غير أن الرياضياتالتي أعادت بناء المنطق الحديث من جديد هي الرياضيات الحديثة التي تعود إلى القرنالتاسع عشر والتي أصبحت بدورها أكثر صورية من الرياضيات القديمة. وتعود صوريةالرياضيات الحديثة إلى مجموعة من الخطوات كان من أهمها:
‌أ. ترك الرياضياتللقضايا التي تتعلق بالفيزياء والأشكال المكانية.
‌ب. تحول كل الرياضيات إلىمجرد حساب للأعداد.
‌ج. استناد اليقين الرياضي إلى أفكار منطقية.
مجمل تلكالخطوات هي التي دفعت بالرياضيات باتجاه الصورية المحضة Pure Formalism وهي التيأدت بها دون قصد إلى الالتقاء بالمنطق كأساس ليقينها.غير أن الأثر الأكثر أهميةبالنسبة للمنطق الناتج عن تلك التطورات تمثل في إقامة المنطق على شكل نسق استنباطيرياضي.
تريد الأطروحة العامة للبحث أن تؤكد أن المنطق المعاصر لم يعد مرتبطاًبغايات فلسفية كما هو الحال بالنسبة للمنطق القديم. وأنه أصبح علماً صورياً مستقلاًعن الفلسفة، وأن هذا الاستقلال أتى بمساعدة الرياضيات التي أعادت بناء المنطق علىأسس جديدة مختلفة تماماً عن الأسس التي بني عليها المنطق القديم.
ويحاول هذاالبحث التأكيد على تلك الأطروحة من خلال استجلاء العلاقة بين المنطق الرياضيات عندرسل ـ ولا سيما نظرية حساب الفئات ـ والأسباب التي دفعت المنطق باتجاه الرياضيات، ودفعت بالرياضيات باتجاه المنطق، بعد أن كانت الرياضيات مهتمة بالحدس المكاني وكانالمنطق مهتما بتنظيم الجدل المعرفي والفلسفي الذي يتناول الوجود.كما سعى إلى الوقوفعلى دور الرياضيات في إدخال الطرق الاستدلالية والاشتقاقية على المنطق، وما ترتبعلى ذلك من حصول قطيعة بين المنطق القديم والحديث كان لمنطق رسل دوراً هاماً فيها.
1. ظهور الرياضيات البحتة:
بالرغم من أن الرياضيات تعد النموذج الأعلىلليقين Certainty ، إلا أن الفلاسفة اختلفوا كثيرا حول منبع هذا اليقين. فذهب فريقإلى أن أساس هذا اليقين الحدس المكاني، ثم أتى فريق ثان ليقول أن أساس اليقينالرياضي هو الأعداد، في حين ذهب فريق ثالث إلى أن ذلك اليقين يرجع إلى عدد منالمفاهيم المنطقية.

مشكوووووووووووووور ما قصرت
الله يعطيك العافيه